إثر مكالمة «متوترة».. هل يتخلى بوتين عن لافروف؟ - صوت الضفتين

إثر مكالمة «متوترة».. هل يتخلى بوتين عن لافروف؟

في ظل تحركات سياسية روسية متسارعة وتوترات دولية متصاعدة، يطرح غياب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن اجتماعين مفصليين الأسبوع الماضي علامات استفهام واسعة، في ما يبدو أنه أعمق مؤشر على تغيّرات محتملة داخل دائرة القرار في الكرملين.

غياب غير مسبوق يثير عاصفةً من الأسئلة

شهد مجلس الأمن الروسي اجتماعاً مهماً أصدر خلاله الرئيس فلاديمير بوتين تعليمات بدراسة مقترحات حول الاستئناف المحتمل للتجارب النووية. اللافت أنّ لافروف كان الغائب الوحيد من بين الأعضاء الدائمين، ما أثار موجة تكهنات غير مسبوقة.

صحيفة كوميرسانت المقربة من دوائر الحكم أكدت أن الغياب كان مقرراً “مسبقاً”، إلا أنّ تزامنه مع استبعاد لافروف من وفد روسيا لقمة العشرين في جنوب أفريقيا زاد المشهد غموضاً.

الكرملين يطمئن… لكن الشكوك تتصاعد

بادر المتحدث باسم الرئاسة ديمتري بيسكوف إلى نفي أي خلاف بين بوتين ووزير خارجيته، واصفاً الأنباء بأنها “غير صحيحة إطلاقاً”. لكن هذه التطمينات لم تمنع التساؤلات، خاصة بعد تقارير ربطت الغياب بإلغاء قمة كان يُفترض أن تجمع بوتين بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

خلاف دبلوماسي خلف الكواليس

بحسب مصادر أمريكية، فإن مكالمة “متوترة” بين لافروف ونظيره الأمريكي ماركو روبيو ساهمت في إلغاء القمة. وقالت المصادر إن لهجة لافروف كانت “متشددة للغاية”، خاصة في ما يتعلق بملف الحرب الأوكرانية.

هذه اللهجة، التي وُصفت بأنها غير بنّاءة، دفعت واشنطن للاعتقاد بأن القمة لن تحقق اختراقاً يذكر.

أصوات روسية: لافروف أدار الملف بحدة غير محسوبة

مسؤول روسي رفيع سابق كشف لصحيفة الغارديان أن هناك انزعاجاً داخل القيادة الروسية من طريقة إدارة لافروف للملف الأمريكي. وأشار إلى أن الوزير تبنى مواقف شديدة لإظهار “الصلابة” أمام بوتين، لكنه أساء تقدير اللحظة السياسية الحساسة.

بوتين، وفق المصدر، سبق أن أبدى ضيقه من “الخطاب العدواني” المتزايد لوزيره، ما اعتبر أنه يضعف مهاراته الدبلوماسية التقليدية التي عرف بها منذ عقود.

تراجع نفوذ لافروف داخل المنظومة

تشير مصادر من موسكو إلى تراجع نفوذ لافروف فعلياً منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، وهي الحرب التي لم يكن جزءاً من دائرتها الضيقة. كما تضررت مكانته أكثر بعد فوز ترامب بولاية جديدة في 2024.

من أبرز منافسيه في دوائر النفوذ الجديدة كيريل دميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي والمقرّب من عائلة بوتين. وقد دخل دميترييف على خط التواصل المباشر مع شخصيات نافذة في دائرة ترامب، متجاوزاً وزارة الخارجية.

ووصل الخلاف بين الرجلين حدّ التوتر العلني. ففي اجتماع بالرياض، حاول لافروف – بحسب مصادر – إبعاد دميترييف عبر إزالة مقعده من القاعة قبل أن يتدخل بوتين لإعادته.

ظهور محسوب… دفاع لا يُنهي التساؤلات

في مقابلة مع وكالة “ريا نوفوستي”، اعترف لافروف بوجود “صعوبات” في المحادثات مع واشنطن، لكنه تجنّب الإشارة إلى الخلافات التي أثيرت حول إلغاء القمة.

يرى محللون أن الظهور جاء في إطار محاولة لطمأنة الداخل، لكن مؤشرات إعادة تشكيل دوائر السلطة تبدو أوضح من أي وقت مضى.

هل يتهيأ بوتين لإعادة ترتيب البيت الداخلي؟

على الرغم من نفي الكرملين وجود خلافات، فإن غياب لافروف عن حدثين مهمين، وتهميشه في ملف العشرين، يعكس—وفق مراقبين— مرحلة إعادة رسم النفوذ داخل النظام الروسي.

ومع أن لافروف كان طوال عقدين الواجهة الأكثر رسوخاً في السياسة الخارجية الروسية، إلا أن التطورات الأخيرة تضعه في أضعف نقطة له منذ توليه الوزارة في 2004.

خلاصة المشهد

  • غياب لافروف عن اجتماعات حساسة يثير الريبة.

  • مكالمة “متوترة” مع واشنطن ساهمت في إلغاء قمة بوتين–ترامب.

  • نفوذ لافروف يتراجع أمام صعود شخصيات جديدة داخل الكرملين.

  • بوتين يوازن بين نفي الخلافات وإعادة تشكيل دائرة القرار.

في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مفتوحاً:
هل بدأ عهد ما بعد لافروف في السياسة الخارجية الروسية؟

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

French