أحمد الغربي.. صوت العقل في ساحة إعلامية صاخبة!!

في مشهد إعلامي تتقاذفه الموجات الشعبوية والمواقف الانفعالية، يبرز اسم أحمد الغربي كصوت متّزن، عميق، ومختلف. هو أكثر من مجرد مدوّن أو ناشط إعلامي، بل يمثل أحد الأصوات التي ما انفكّت تدفع باتجاه وعي جماعي أكثر نضجًا، وأفق فكري أشمل، في زمن باتت فيه السطحية عنوانًا للمشهد العام.
يتميّز أحمد الغربي بتحاليله التي تنطلق من الواقع وتخترقه دون أن تنزلق إلى التهويل أو الاصطفاف. لا يطرح رأيًا إلا مسنودًا بالحجج، ولا يقدّم نقدًا إلا بنية البناء. في كل ظهور إعلامي له، يُدرك المستمع أو المشاهد أنه أمام شخصية تعرف تمامًا ما تقول، وتعي أثر الكلمة في تشكيل الرأي العام.
يتناول في البرامج التي يستدعى لها و في إطلالاته الإعلامية ملفات حساسة مثل أزمة النقل العمومي، مطالبًا بإصلاح جذري من خلال انفتاح الدولة على الشراكة مع القطاع الخاص. كما لم يتردد في الخوض في موضوع المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، محذرًا من خطورة تغييب الدولة لهذا الملف، ومطالبًا بفتح تحقيقات جديّة تحترم السيادة الوطنية والكرامة الإنسانية في آن واحد.
حضور متميز في المنابر الإذاعية والتلفزية
شارك أحمد الغربي في عدد من البرامج المؤثرة، لعلّ أبرزها حلقات من “ناس الديوان” على إذاعة DiwanFM، ومشلركات كثيرة على شاشة Talvza TV، حيث قدّم خلالها مداخلات وصفها متابعون بأنها “محاضرات مختصرة في الشأن العام”، نظرًا لما تحمله من عمق وأمانة في الطرح.
في كل إطلالة له، لا يلهث خلف الإثارة، بل يزرع بذور فهم جديد، حتى حين يتناول قضايا شائكة كـ تنامي الجريمة أو صورة تونس في الخارج، كما حصل في تعليقه على حادثة مواطن تونسي تعرض لسوء معاملة من رجال أمن فرنسيين، حين أشاد بموقف الدولة التونسية واعتبره “درسًا في كرامة السيادة”.
في عصر يسهل فيه الوصول إلى الميكروفون، ندر أن تجد من يزن كلماته كما يفعل أحمد الغربي. ففكره ليس موجهًا فقط نحو انتقاد السياسات أو فضح الإخفاقات، بل يسعى لبناء رأي عام واعٍ، يملك القدرة على التمييز بين النقد الهدّام والنقد البنّاء. خطابه ليس عدوانيًا، بل عقلاني، لا يستفزّ بقدر ما يُقنع.
ربما لا يسعى أحمد الغربي إلى الشهرة، لكنه فرض حضوره بثبات، وجعل من نفسه مرجعًا في التحليل السياسي والاجتماعي. في كل قضية يُدلي فيها برأيه، يبدو كمن يلتقط ما يغيب عن العيون، فيعيد رسم الصورة كاملة بأدوات المنطق لا الانفعال.
في النهاية، أحمد الغربي ليس مجرد اسم عابر في الفضاء الإعلامي التونسي، بل هو حالة فكرية تتجاوز اللحظة، وتراهن على الوعي كأداة تغيير. في زمن الضجيج، هو من القلائل الذين يختارون أن يكونوا صوت العقل.
وما كان له أن يصل الى المستمعين و المشاهدين لولا قامات إعلامية منحته الفرصة و قدمته للمشاهدين و أهم الإعلامية مريم بالقاضي .