نزار الجليدي يكتب:فيما يكتفي الأئمة بالدعاء على إسرائيل في المنابر… شعب غزة يموت ولا تنقذه الشعارات

في كل جمعة، ترتفع أصوات الأئمة في المساجد بالدعاء على إسرائيل، وتنهال اللعنات من فوق المنابر، وتُختتم الخطب بكلمات مشحونة بالغضب والدعاء بنصرة غزة وأهلها. ومع ذلك، تزداد مآسي أهل القطاع، ويتفاقم الحصار، وتغرق الشوارع بالدماء لا بالماء. وبينما تُمطر غزة بالقنابل، تُغرقها الشعارات الخطابية التي لاتسمن و لا تغني من جوع. فهل تحوّل دور العلماء والدعاة إلى خطاب عاطفي محض؟ أم أن المطلوب أكثر من الدعاء؟
لم يعد الوضع في غزة مجرد قضية إنسانية أو نزاع سياسي، بل كارثة مستمرة يتعرض لها شعب أعزل منذ سنوات. ومع كل مجزرة، تتضاعف الدعوات من فوق المنابر، دون أن يقابلها تحرّك حقيقي. فهل أصبح منبر المسجد مسرحًا للتنفيس عن العجز الجماعي؟ أين الخطاب العملي؟ أين فقه الواقع؟ أين الضغط الشعبي المنظَّم؟ بل أين المواقف الجريئة التي تترجم هذه الخطابات إلى فعل؟
رمزية شيخ الأزهر تتلاشى
رغم مكانته الدينية الرفيعة وتأثيره العالمي، جاءت تصريحات شيخ الأزهربشأن ما يجري في غزة أقرب إلى الأسف الأخلاقي منها إلى الموقف القيادي الحاسم. ففي حين تتهاوى الأجساد تحت الركام،وتسقط منهكة من الجوع في الشوراع يخرج الإمام الأكبر بعبارات مكررة: “نستنكر ونشجب… ونطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته…”، وهي ذات العبارات التي قيلت في كل مجزرة، وكل تهجير، وكل نكسة.
إن مؤسسة بحجم الأزهر، ورمزيتها و سلطتها المعنوية، تكتفي اليوم بخطابات باردة وبيانات لا تتجاوز الصدى الإعلامي، في حين أن شعوبًا تنتظر من رموزها أن تقود لا أن تواسي، أن تبادر لا أن تواكب.
وكان الأجدر بالشيخ أن:
يطلق حملة إعلامية حقيقية لكشف جرائم الاحتلال.ويدعو لاجتماع موسّع لعلماء الأمة في القاهرة أو القدس أو على تخوم غزة.و يستخدم ثقله الرمزي لتعبئة العالم الإسلامي سياسيًا وإنسانيًا لا فقط وجدانيًا.
بل و بإمكانها قيادة مسيرة شعبية بعد الدعاء نحو معبر رفح و سيتبعه حتما ملايين المصريين وسينجحون في كسر الحصار على الغزاويين الجائعين.
لكن الواقع أن تلك الإمكانات تُهمَّش لصالح تصريحات بروتوكولية خجولة، تحفظ المكانة ولا تزعج أحدًا، لتضع علامات استفهام حول من يُفترض بهم أن يكونوا في طليعة المدافعين عن المظلومين.
شعب غزة لا يحتاج المزيد من الخطابة، بل المزيد من الدعم الحقيقي. لا يحتاج فقط من يدعو له، بل من يفكّ أسره ، يتحرك