“السويداء” في عين العاصفة
أحمد الحسين .كاتب وصحفي

أحمد الحسين .كاتب وصحف
جرائم انتقام واسعة النطاق بحق عوائل البدو في السويداء
تسجيل حركة نزوح وتهجير قسري لعشائر البدو في ريف السويداء
يواصل الاحتلال الدخول على خط تأجيج الفتنة في المحافظة
انتهت العمليات العسكرية على الأرض في محافظة السويداء جنوبي سورية، لتبدأ التداعيات الكارثية في مختلف المجالات للاقتتال الذي وقع بين مجموعات مسلحة محلية من جهة، والقوات الأمنية السورية ومقاتلين من البدو، مع بدء جرائم انتقام واسعة النطاق بحق عوائل البدو في السويداء، فيما واصل الاحتلال الدخول على خط تأجيج الفتنة في المحافظة، معلناً على لسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن “نظام دمشق خرق خطين أحمرين، وهما المنطقة منزوعة السلاح واستهداف الدروز”، فيما كان الرئيس السوري أحمد الشرع يشير إلى أن بلاده تواجه محاولات إسرائيلية مستمرة لتحويلها إلى ساحة فوضى وتقسيمها. ورغم وقف إطلاق النار، نقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني قوله مساء اليوم الخميس إن “مقاتلين من البدو أطلقوا هجوماً جديداً في السويداء على مقاتلين من الدروز”، من دون اتضاح حجم هذا الهجوم.
وبعد ساعات من دخول اتفاق السويداء حيز التنفيذ، وانسحاب القوات الأمنية من المحافظة، بدأت عمليات انتقام وقتل وحرق وتهجير بحق مدنيين وثقتها مقاطع مصورة. وقالت إن “فصائل مسلحة في السويداء تنفذ إعدامات ميدانية انتقامية بحق عوائل البدو في السويداء”، مشيرة إلى “فقدان الاتصال بعائلات من عشائر البدو بعد محاصرتها”. وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أنه “بعد تطبيق بنود الاتفاق في السويداء الذي أعلنته وزارة الداخلية، وتكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في المحافظة، قامت مجموعات خارجة عن القانون بالاعتداء على حي المقوس (في مدينة السويداء)، وارتكاب مجازر وانتهاكات بحق المدنيين”.
ونقلت عن مصادر محلية قولها إن “تلك المجموعات هاجمت الحي، وارتكبت مجازر بحق النساء والأطفال، ونفذت تصفيات ميدانية وانتهاكات بحق أبناء المنطقة من العشائر والبدو”، مشيرة إلى “مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين”. وأوضحت أنه “تم تسجيل حركة نزوح وتهجير قسري لعشائر البدو في ريف السويداء، وسط تهديدات من قبل مجموعات خارجة عن القانون باستهدافهم”. وتناقلت وسائل إعلام ومنصات على مواقع التواصل الاجتماعي، مناشدة من “الرئيس الروحي للموحدين الدروز (المقصود هنا الشيخ حكمت الهجري) عاجلة إلى أهالي الجبل لضرورة التحلّي بأخلاقنا المعروفية والترفّع عن الثأر، والحفاظ على النسيج الاجتماعي مع أهلنا العشائر”.
دمار كبير في مدينة السويداء
ونشرت شبكات إخبارية محلية صوراً ومقاطع فيديو صباح اليوم الخميس تظهر حجم الدمار الكبير الذي أصاب مدينة السويداء مركز المحافظة، والتي شهدت اشتباكات وأعمال انتقامية من جانبي الصراع، أدت إلى مقتل وإصابة المئات. وتحدثت هذه الشبكات عن مقتل أكثر من 300 شخص في السويداء ما بين مدني ومسلح، بينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد القتلى وصل إلى 500 من كل الأطراف، في حين أكدت مصادر مطلعة أن عدداً كبيراً من عناصر وزارتي الدفاع والداخلية السورية قتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي والكمائن داخل مدينة السويداء. وأفاد مراسل “العربي الجديد” في محافظة السويداء أن الأوضاع “كارثية” في المدينة و”الجثث منتشرة في الشوارع”، مشيراً إلى انتشار عدة فصائل محلية في المحافظة، عمدت إلى حرق منازل لسكان السويداء من العشائر العربية البدوية الذين بدؤوا بالنزوح من المحافظة مع انسحاب القوات الحكومية. وأكد أن كل العناصر التابعين لوزارتي الدفاع والداخلية انسحبوا من المحافظة باتجاه درعا، مشيراً إلى أن الشيخ ليث البلعوس الذي وقف مع قوات الحكومة، انسحب مع عناصره من المحافظة حتى لا تحدث اشتباكات محلية. والبلعوس وهو قائد حركة رجال الكرامة أبرز الفصائل في المحافظة، أعلن موقفاً مغايراً تماماً لبقية الفصائل في المحافظة لجهة العلاقة مع الدولة، فهو من الداعين إلى التوافق معها، ما عرّضه لمخاطر مصدرها “المجلس العسكري” المقرب من الشيخ حكمت الهجري، وهو ما ظهر في قيام فصائل مسلّحة بتخريب قبر والده وحيد البلعوس، مؤسس “رجال الكرامة”.
وكان تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية وفعاليات دينية في السويداء دخل حيز التنفيذ مساء أمس الأربعاء، نص على “وقف إطلاق النار وضمان الأمن والاندماج الكامل للمحافظة ضمن الدولة السورية، وإيقاف كامل لجميع العمليات العسكرية بشكل فوري والتزام جميع الأطراف بوقف التصعيد العسكري أو أي شكل من أشكال الهجوم ضد القوات الأمنية وحواجزها مع إعادة قوات الجيش إلى ثكناتها”. وتلا أحد شيوخ العقل الثلاثة في السويداء، يوسف جربوع، بنود هذا الاتفاق الذي نص أيضاً على “تشكيل لجنة مراقبة مكونة من الدولة السورية والمشايخ على تنفيذ وقف إطلاق النار وضمان الالتزام به، ونشر حواجز الأمن الداخلي والشرطة من الدولة ومنتسبي الشرطة من أبناء محافظة السويداء بهدف تعزيز الأمن وحماية المواطنين”. كما نص على الاستعانة بضباط وعناصر الشرطة من أبناء محافظة السويداء لتولي مهام قيادية وتنفيذية في إدارة الملف الأمني في محافظة السويداء. وتم التوافق على آلية لتنظيم السلاح الثقيل بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة الدفاع “مع مراعاة الخصوصية الاجتماعية والتاريخية لمحافظة السويداء”.
وتطرق الاتفاق إلى قضايا حساسة أبرزها: إطلاق سراح المعتقلين، وكشف مصير المغيبين خلال الأحداث الأخيرة، وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، إلى جانب تأمين طريق دمشق ــ السويداء، وتوفير الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ومحروقات وصحة. لكن الشيخ حكمت الهجري رفض الاتفاق، قائلاً في بيان: “نؤكد للرأي العام المحلي والدولي، أنه لا يوجد أي اتفاق أو تفاوض أو تفويض مع هذه العصابات المسلحة التي تُسمّي نفسها زوراً حكومة”. لكن الفعاليات الدينية في السويداء وفي المقدمة جربوع، طالبت الهجري بـ”احترام رأي الأغلبية التي تدعم الاتفاق مع الحكومة”، في مؤشر واضح على اختلاف مشايخ العقل الثلاثة حول طرق التعاطي مع التطورات التي تلاحقت في السويداء.
من جهته، قال الرئيس السوري أحمد الشرع، في كلمة متلفزة فجر اليوم الخميس، إن سورية كانت أمام خيارين مصيريين، أحدهما الدخول في حرب مفتوحة مع إسرائيل، لكنها اختارت تغليب مصلحة السوريين ومنع الانزلاق نحو الفوضى والدمار. وأضاف أن بلاده تواجه محاولات إسرائيلية مستمرة لتحويلها إلى ساحة فوضى وتقسيمها، مشدداً على أنّ الدولة ستظل حامية لجميع مواطنيها، متوعّداً بمحاسبة كل من تجاوز وأساء إلى الدروز، الذين وصفهم بأنهم “جزء أصيل من نسيج الوطن”. وفي ما وصفه بأحد أصعب مفترقات الطرق، قال الشرع: “كانت الدولة السورية أمام خيارين؛ الأول الدخول في حرب مفتوحة مع إسرائيل على حساب الدروز السوريين وزعزعة استقرار سورية والمنطقة، والثاني فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام”.
وأكد أن الدولة “لا تخشى الحرب، ونحن الذين قضينا أعمارنا في مواجهة التحديات والدفاع عن شعبنا، لكننا قدمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار. فكان الخيار الأمثل في هذه المرحلة هو اتخاذ قرار دقيق لحماية وحدة وطننا وسلامة أبنائه، بناءً على المصلحة الوطنية العليا”. ورحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي مع الشرع، بالتوصل إلى تهدئة في السويداء. وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أعلن، مساء الأربعاء الماضي، التوصل إلى اتفاق في سورية ينهي العنف إذا تم الالتزام به. وكشفت مصادر أمنية تركية، لوكالة الأناضول، أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات إبراهيم قالن، أجريا اتصالات بشأن الوضع الميداني، كان لها دور محوري في تحقيق وقف إطلاق النار بين الأطراف. وذكرت أن قالن أجرى اتصالات عدة مع محاوريه في الولايات المتحدة وسورية وإسرائيل، وتواصل مع الدروز في لبنان.
في غضون ذلك، رحب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال اتصال تلقاه من الشرع اليوم، “بالترتيبات والإجراءات لاحتواء الأحداث الأخيرة في سورية”، معرباً عن ثقة المملكة بقدرة الحكومة السورية بقيادة الشرع “على تحقيق الأمن والاستقرار لسورية”. وجدد موقف المملكة المُعلن في إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية والتدخل في شؤونها الداخلية. وأكد ضرورة دعم المجتمع الدولي للحكومة السورية في مواجهة هذه التحديات ومنع أي تدخلات خارجية في الشأن الداخلي السوري.
في هذا الوقت، قال نتنياهو، في تصريح متلفز اليوم الخميس، إن إسرائيل لن تسمح بإرسال قوات حكومية إلى جنوب سورية. مضيفاً: “حددنا سياسة واضحة، تقوم على نزع السلاح من المنطقة الواقعة جنوب دمشق، وحماية أبناء الطائفة الدرزية. وقد تم خرق هذين المبدأين من قبل النظام في دمشق”. وأضاف أنه “وجّه تعليمات إلى الجيش الإسرائيلي بالتحرك بقوة”، زاعماً أن هذا التدخل أدى إلى فرض وقف إطلاق نار وانسحاب القوات السورية. وتابع: “هذه ستكون سياستنا المستمرة. لن نسمح للقوات بالتحرك جنوباً، ولن نسمح بالمس بالدروز”، متهماً القوات السورية بارتكاب “مجزرة بحق الدروز في جبل الدروز”.
أن تنفيذ “الاتفاق “يتوقف على نيات الهجري وفصائله التي استقوت بإسرائيل” والدليل “الأخبار التي تأتي من السويداء تؤكد أن هذه الفصائل تنهب وتحرق بيوت السكان من العرب البدو”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتوصل بها دمشق لاتفاقات مع الفعاليات الدينية لإدارة المحافظة، إلا أنها لم تصمد، اليوم هناك ترتب لدخول ،قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية لضبط الأمن في السويداء ،باتفاق أقليمي يجمع بين أنقرة والرياض والدوحة بالإضافة لدمشق ،خلال ال 48 ساعة سنشاهد دخول قوات الأمن مركز مدينة السويداء .هو نصر لجبل العرب. وأهله وللشعب كله. وللدولة السورية. الجديدة وهزيمة للعصابات. التي أرادت فرض الفوضى والتقسيم والمحاصصة. الطائفية والتي كان ضحيتها هم أهل الجبل والسويداء. قبل غيرهم الذين اختطفتهم هذه العصابات منذ سنوات فصاروا رهائن لديها. يخشون بطشها وطغيانها ولا يجرؤون على نقدها ورفض ممارساتها! وكذلك هزيمة للمحتل الصهيوني الذي حاولت هذه العصابات الاستقواء به وإخضاع المنطقة إلى نفوذه! وبالقضاء عليها وعودة سلطة الدولة السورية توحدت سوريا وتحرر الجبل وأهله وعادوا مواطنين سوريين. تحميهم الدولة ويصون حقوقهم. القانون لا رعايا تابعين لشيوخ مجرمين ورهائن لدى رجال دين دجالين ..