معركة كينونة ووجود" - صوت الضفتين

معركة كينونة ووجود”

الطاهر بن تركية

 

منطقة الخليج ليست مجرد خزان من النفط والغاز فقط، بل ساحة نفوذ ناعم وخشن في نفس الوقت تتحكم فيها الولايات المتحدة الأمريكية كما تشاء وتريد، وتنسج فيها واشنطن خيوطًا من السياسة والاقتصاد والتعبئة العسكرية بدلالة وجود قواعدها المتعددة، ومن حين لآخر تعيد صياغة الأولويات الإقليمية وفقًا لمصالحها في المقام الأول، وإسرائيل ليست سوى وكيل متعاقد معها بعقد مناولة subcontracting يحرس مصالحها ويسهر على عدم الاستقرار في الجهة، والخليج بالنسبة لأميركا ليس مجرد حليف عادي، بل سوق سلاح مستديم، لذلك لن يتم القضاء على إيران قضاء مبرما، فإذا قضي عليها انتهت الحروب في الجهة وأنتهى بيع السلاح وهذا لن يحصل، وكذلك الخليج يمثل مجالا حيويا لاحتواء الخصوم الكبار: الاتحاد السوفيتي سابقًا وروسيا حاليا، وإيران وباكستان في الوقت الحالي والصين مستقبلا وهناك دول أخرى في قائمة الإنتظار، ربما تركيا ومصر، اقول ربما…

خلاصة القول: العلاقة مع أمريكا تحركها المصالح والأهواء، ولن تستتب طالما هناك مقاولات وتجار سلاح، وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد زمن حكم بوش الإبن كان له مصنع سلاح وضربت العراق شر ضربة ودمرت شر دمار، ولم تكن زمنها تملك سلاح نووي أو غيره، والسيناريو كان سيحصل هذه الأيام مع إيران لكنها أبلت البلاء الحسن ودافعت عن كينونتها بشجاعة غير مألوفة وجرعت أمريكا وربيبتها في الجهة مرارة الهزيمة…

أتمنى أن تكون الحرب الأخيرة درسا للعرب قبل غيرهم، فيعولون على أنفسهم ويجمعون صفوفهم في الحد الأدنى لحماية أنفسهم من ملمات الدهر وما أكثرها…

المعركة معركة كينونة ووجود وليست معركة خرائط وحدود..

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

French