فانس ترامب...شخصان متناقضان  جمعتهما البراغماتية السياسية    - صوت الضفتين

فانس ترامب…شخصان متناقضان  جمعتهما البراغماتية السياسية   

ورقة رئيس التحرير

 

بعد المناظرة الأخيرة بين الرئيس الأسبق و المترشح الحالي للانتخابات الرئاسية الامريكية دونالد ترامب و الرئيس الحالي جو بايدن خرج الأخير منهزما و بـ”الكاوو” ممّا فتح الباب على مصراعية لفوز ترامب بعهدة رئاسية ثانية .ومازاد من حظوظه في ذلك حادثة اطلاق النار و الخدش الذي أصاب أذنه فقد اعتبر محللون قريبون من السياسة الأمريكية أن هذه الحادثة أقوى حملة دعائية لترامب و أنه بعدها لن يكون بحاجة الى حملات أخرى.

لكن العرف في الولايات المتحدة الأمريكية أن يعيّن المترشح للرئاسة نائبا لها وهو لايقل أهمية عن المترشح ذاته و يحظى بتغطية إعلامية و اهتمام بمتزايد بتاريخه ومواقفه و مدى تطابق أفكاره مع الرئيس.

ترامب اختار السيناتور الأمريكي عن ولاية أوهايو، جيمس ديفيد فانس، ليخوض معه معركة الانتخابات الرئاسية في منصب نائب الرئيس.وهو اختيار لايمكن ان يصدر سوى عن شخص بشخصية ترامب المركبة و المعقّدة ففانس لوقت قريب كان من أشدّ معارضي ترامب بل ووصفه بالأحمق قبل ثماني سنوات، في الفترة التي سبقت انتخابات الرئاسة لعام 2016.

كما سبق أن أدان فانس خطاب ترامب المعادي للإسلام. وقال في عام 2016″ترامب يجعل الناس الذين أهتم بهم خائفين. المهاجرون والمسلمون وغيرهم. ولهذا أجده مكروهاً”.

ومع الحماس الذي تبديه روسيا لإعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الامريكية  باعتباره قادر على انهاء الحرب و حسن التفاوض مع الرئيس الروسي  فانّ نائبه يقف على طرفي نقيض من ذلك وهو لايهتم بالأوكران ويعارض علنا تورط الولايات المتحدة الامريكية في هذه الحرب  .وقاد حملة فاشلة في مجلس الشيوخ لمنع حزمة مساعدات بقيمة 60 مليار دولار لكييف.

وفي  تصريح إذاعي معه  في عام 2022، قال فانس: «أنا لا أهتم حقاً بما يحدث لأوكرانيا بطريقة أو بأخرى». مضيفا أنّ «الحسابات تشير إلى أن أوكرانيا غير قادرة على الانتصار في الحرب»، مشددا على  أن إدارة بايدن فشلت في  تقدير حجم الأموال والموارد التي ستتطلبها هزيمة روسيا.

مطالبا الرئيس الاوكراني بالتوقف المناورات الهجومية في حربه مع روسيا وأن يلتزم بوضع دفاعي ويتفاوض مع روسيا؛ لأن الغرب لن يتمكن أبداً من إنتاج ما يكفي من الأسلحة لجعل النصر ممكناً لها.

ولنائب الرئيس ترامب مواقف و تصريحات غريبة اخرها وصفه بريطانيا بانها أول دولة مسلمة تكتلك سلاحا نوويا وهو ما اثار استهجان البريطانيين وخاصة الحكومة العمالية الجديدة التي انتقدها بشدة.

وأشار فانس إلى أنه كان في محادثة مع صديق مؤخراً ناقشا خلالها أحد المخاطر الكبيرة في العالم، وهو الانتشار النووي، حين تساءلا عن أول دولة إسلامية حقيقية ستحصل على سلاح نووي.وأضاف”فكّرنا أن هذه الدولة ربما تكون إيران، وربما تكون باكستان، ثم قررنا أخيراً أنها المملكة المتحدة”.

ونصح قادة المملكة المتحدة أن يعتنوا بمواطنيهم. فيوماً بعد يوم يخبر المواطنون البريطانيون قادتهم أنهم يريدون الحد من الهجرة بينما يرفض قادتهم الاستماع إليه موفق زعمه.

آسيا أول المستهدفين

قال فانس إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تركز قواتها العسكرية على التهديدات القادمة من آسيا، وليس أوروبا. وقال أمام مؤتمر ميونيخ للأمن في شهر فبراير (شباط) الماضي إن «الولايات المتحدة تحتاج إلى تركيز جهودها في آسيا بدلاً من أوكرانيا، وهي المنطقة التي ستكون محور السياسة الخارجية الأميركية على مدى السنوات الأربعين المقبلة».

وأكد أن تصنيع صواريخ نظام باتريوت لأوكرانيا سيحرم تايوان من هذه الأسلحة في حالة الغزو الصيني.

صادق أم انتهازي؟

تساءل الديمقراطيون، بل وبعض الجمهوريين عما إذا كانت الانتهازية وليس التوجه الفكري هي التي تحرك فانس. لكن ترامب الذي نجا من محاولة اغتيال في تجمع انتخابي في بنسلفانيا يوم السبت، وكثيرين من مستشاريه، يرون أن تحول فانس صادق. ويشيرون إلى أن معتقدات فانس السياسية التي تمزج بين الانعزالية والشعبوية الاقتصادية تتوافق مع معتقدات ترامب.

وقال السناتور الجمهوري جون باراسو من وايومنج الذي وصفه فانس بأنه معلمه لوكالة «رويترز» للأنباء إن فانس غير وجهات نظره عن ترامب لأنه «رأى النجاحات التي حققها كرئيس للبلاد». وفي 2022 حين تحدثت تقارير لأول مرة عن تعليقه الذي شبّه فيه ترامب بهتلر، لم يدحضه المتحدث باسمه، لكنه قال إنه لم يعد يمثل آراء فانس. وفي مقابلات إعلامية، قال فانس إنه لم تكن هناك لحظة «كشف» غيّرت وجهة نظره تجاه ترامب. وبدلاً من ذلك، أدرك تدريجياً أن معارضته للرئيس السابق كان سببها أساساً الأسلوب وليس الجوهر. وقال فانس لصحيفة «نيويورك تايمز» «سمحت لنفسي بالتركيز كثيراً على أسلوب ترامب لدرجة أنني تجاهلت إلى حد بعيد الطريقة التي كان يقدم بها شيئاً مختلفاً تماماً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، والتجارة، والهجرة».

 

****ولد جيمس دونالد بومان (فانس) في 2 اوت 1984 في بلدة ميدلتاون بولاية أوهايو جنوب غرب الولايات المتحدة الأمريكية. وتختصر الصحافة الأميركية اسمه على صيغة “جي دي فانس”.

-والده دونالد راي بومان من أصل أيرلندي ومن مواليد 1959، وأمه بيفرلي فانس (سميت بيفرلي كارول بعد زواجها الثاني)، وهي من مواليد 1961.

-انفصل والداه وهو لا يزال طفلا صغيرا، فنشأ مع جده وجدته لأمه، خاصة أن والدته كانت مدمنة على المخدرات، وبسبب نشأته مع جده أخذ اسمه العائلي “فانس”.

-تخرج جي دي فانس من ثانوية ميدلتاون عام 2003، ثم التحق بسلاح مشاة البحرية (المارينز) لمدة 4 سنوات، وأثناء خدمته أرسل للعراق للخدمة في الشؤون العامة بعد الغزو الأمريكي.

-التحق فيما بعد بجامعة ولاية أوهايو وحصل منها على بكالوريوس العلوم السياسية والفلسفة عام 2009.وحصل على شهادة القانون العام في عام 2013 من جامعة ييل، ثم عمل في شركة “سيدلي إل إل بي” للمحاماة، وفي شركات استثمار في كاليفورنيا وأماكن أخرى منها وادي السيليكون.

– جي دي فانس عضو في الحزب الجمهوري، وهو من دعاة سياسة “أميركا أولا”، لكنه مؤيد قوي لإسرائيل وللتطبيع العربي معها.

 

 

 

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *