هل الولايات المتحدة مستعدّة للتضحية بنخبها للمستقبل لضمان حاضر إسرائيل ؟

بات من الواضح أن الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة ضد الغطرسة الإسرائيلية هي رسائل لحكام البيت الأبيض قبل أن تكون رسائل مباشرة لإسرائيل التي يدرك هؤلاء الطّلاب أنها لاتسمع .هذه الرسائل مفادها أن النخب الأمريكية بدأت تستعيد آليات الضغط الشعبي والوعي الإنساني و أن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تستعيد دورها السامي في المحافظة على الأمن و السلم العالميين وأن الدعم الأعمى لإسرائيل يجعل بلادهم مستهدفة .

هذه الاحتجاجات التي يرى مراقبون أنها بداية شرارة انتفاضة قيم كبرى في الشارع الأمريكي تكسب مع كل يوم متضامنون جدد معها وهي في نفس الوقت بصدد الخروج النهائي عن سيطرة السياسيين و الأجهزة الأمنية و الاعلام الموجه و الممول من طرف اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية.

السؤال الذي يطرح اليوم هو هل أن الولايات المتحدة الأمريكية مستعدّة للتضحية بنخبها من الطلبة و الأساتذة في أكبر و أعرق الجامعات لأدل عيون إسرائيل ؟

نظريا الإجابة وبلاتردد” نعم” فما يهم الإدارة الأمريكية هو ضمان حاضر إسرائيل الذي بات مهددا من كل النواحي وما يؤكد ذلك هو ردة الفعل القوية من الأجهزة الأمنية وتحويل محيط الجامعات وحتى داخلها لشبه ثكنات عسكرية رغم أن الاحتجاجات سلمية بل اننا نزعم أن الإدارة الأمريكية تتحرش بالمتظاهرين و تحاول الصاق تهمة معاداة السامية لهم لتبرير موجة القمع الآتية .

رغم أنه ثمة أصوات داخل البيت الأبيض تدعو الى غض النظر على هذه الاحتجاجات وعدم منحها الزخم المرجو حتى تخفت من تلقاء نفسها .لكن من الواضح أنّ الرئيس بايدن ذهب بعيدا في تعويله على الدعم الصهيوني في الانتخابات الرئاسية المقبلة وهو لن يتراجع عن الدعم التام و الخضوع لإسرائيل .فاعتقادنا راسخ بأن الرجل مستعد للتضحية بكل الجامعات و مستعدّ للتضحية حتى بصورة الولايات المتحدة من أجل ضمان فترة رئاسية أخرى يزعم أنه سيثبّت فيها إسرائيل في المنطقة الى الأبد و سيضمن لها مستقبلا آمنا بمواصلة مشروع التطبيع الذي بدأ بفرضه على جيرانها العرب و أجهضته المقاومة في مرحلته الأهم وهو التطبيع مع المملكة العربية السعودية لما لذلك من رمزية كبرى بالنسبة للعالمين العربي و الإسلامي.

المحصّلة أن الهوة تزداد اتساعا يوما بعد بين النخب الأمريكية و القيادة السياسية وهو ما سيكون له بالغ الأثر في الانتخابات الرئاسية المقبلة.