اسرائــ..ل …الوجود المستحيل و التفكك الحتمي
بقلم: نزار الجليدي
منذ توطين اليهود في الأراضي الفلسطينية و اعلان ما يسمى دولتهم في 1948 يعيش هذا الكيان الغريب على المنطقة حالة رعب دائم واحساس بعدم الأمن حتى مع الترسانة العسكرية الأضخم في المنطقة.وقد حطمت إسرائيل الرقم القياسي في عدد الحروب التي خاضتها أي دولة حيث خاضت ما لايقل عن سبعة حروب كبرى مع العرب دون اعتبارات الحروب الثنائية مع المقاومة و التي لا تحصى و لاتعدّ .
إسرائيل دولة عسكرية بامتياز بل و فشلت في أن تكون كذلك وهي دائمة الهوس بتثبيت وجودها على أرض رمالها متحركة لاتقبل الغريب و لا المغتصب و الدليل أنه بعد 75عاما لاتزال تنشد هذه الغاية التي تبدو مستحيلة في ظل المعطيات الجيوسياسية التي سنتعرض لها لاحقا.وهو ما يجعل من جغرافيتها مستحيلة حتى في ظل حل الدولتين.
ما يسمى إسرائيل دولة صغيرة مساحة و كثافة سكانية وهي معرضة دوما للخطر ومحدودة الموارد وتواجه جيراناً معادين من كافة الجوانب وليست لديها أي جبهة ودية باستثناء تلك المطلة على البحر المتوسط وهو ما جعلها تلهث وراء التطبيع مع الدول العربية .
وهي دولة معترف بها جزئيًا تأسست عام 1948، تقع في غرب آسيا، وتقع على الساحل الجنوبي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط والساحل الشمالي للبحر الأحمر. لها حدود برية مع لبنان من الشمال، وسوريا من الشمال الشرقي، والأردن من الشرق، والأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة من الشرق وفي الغرب.
مساحتها 22,145 كم مربع وعدد سكانها 9.364 مليون أكثر من ثلثهم من المقيمين بالخارج.
تعتمد إسرائيل على التكنولوجيا الذكية وتعتمد على التوريد الشبه كلي فيما يخص الأغذية و المواد الأساسية .وليس لديها أي تجارة بينية تذكر مع دول الجوار ومبادلاتها التجارية تتم في السرّ و بأـساليب ملتوية.
في هذا الواقع تضع “إسرائيل” ثقتها في الأسلحة والجغرافيا بدلاً من المعاهدات والعهود، من أجل ضمان بقائها، وهي دائمة الانتهاك للقانون الدولي واتباع سياسة استباقية طالما أنها تحقق لها الأهداف الاستراتيجية التي تراها ضرورية. فمثلا احتلال الضفة الغربية وما نتج عنه من قهر للفلسطينيين هو نتيجة لتلك الازدواجية الجيوسياسية المؤسفة، ولا تستطيع “إسرائيل” التخلي عن الضفة الغربية لأسباب استراتيجية؛ إذ تعامل صناع السياسة الإسرائيليون مع المسألة في البداية بالتشجيع على تأسيس مستوطنات إسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وسعت تل أبيب إلى ترسيخ سيطرتها على الأراضي بغض النظر عن مدى قانونية الأمر، وذلك من خلال تغيير التركيبة السكانية وتوطين المدنيين الإسرائيليين في أماكن بعينها، وخصصت “إسرائيل” بعض مناطق الضفة الغربية للاستيطان اليهودي بموجب هذا النهج، ومن هنا خرجت المنطقة “ج” إلى النور.
وتقع كافة المستوطنات الإسرائيلية الـ127 في الضفة الغربية داخل هذه المساحة الضيقة٬ حيث تستضيف المنطقة “ج” الآن نحو 450 ألف مستوطن إسرائيلي. وعند إضافة المستوطنات غير القانونية، سيصل تعداد الإسرائيليين في الضفة الغربية إلى نحو 700 ألف نسمة.
وعلى كل حال، تقع نحو 60% من أراضي الضفة الغربية داخل نطاق المنطقة ج، وتخضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي المباشرة، لكن “إسرائيل” لم تضم الضفة الغربية رسمياً حتى الآن، ولهذا لا تعتبر أن المستوطنات اليهودية في المنطقة تقع تحت سيادتها.
ولذلك تضطر “إسرائيل” لـ:
تجديد قوانين الطوارئ كل 5 سنوات من أجل ممارسة سلطتها على الضفة الغربية.
تمديد سريان القوانين الجنائية وبعض القوانين المدنية الإسرائيلية على مواطني إسرائيل في الضفة.
ويستهدف هذا التعدي التدريجي البطيء على الأراضي الفلسطينية كسر متاخمة المراكز السكانية الفلسطينية لبعضها داخل الضفة، ويُؤدي التعطيل الممنهج للتجاور الفلسطيني إلى تفنيد فرص إقامة الدولة الفلسطينية أكثر فأكثر.
وعلى الجانب الآخر يُؤدي برنامج الاستيطان الإسرائيلي إلى تغذية العنف وإعاقة وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم ومواردهم، علاوةً على أنه يضر بعملية التفاوض على حل الدولتين للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث وصل الأمر بالمسؤولين الإسرائيليين إلى إعطاء الأولوية لحل الدولة الواحدة في السنوات الأخيرة.
لكن معدلات المواليد الفلسطينية أعلى من نظيرتها الإسرائيلية بكثير، هكذا يبدو شكل هرم السكان في عام 2023 وهكذا يبدو شكله بالنسبة للدول ذات الدخل المشابه، لا يستطيع الإسرائيليون منافسة هذه الأرقام لذلك ستضطر إسرائيل لمواجهة الزيادة المتسارعة في أعداد الفلسطينيين إذا قررت تطبيق حل الدول الواحدة.
وفي الوقت ذاته، هناك خطر داهم يكمن في سوريا ولبنان، والمنظمات المسلحة هناك، والطريقة الوحيدة لحماية القلعة هي الارتقاء فوق الخصوم، ولهذا تحتاج “إسرائيل” إلى السيطرة على المرتفعات الاستراتيجية القريبة إذا كانت تريد النجاة.
من هنا نفهم ما يحدث اليوم في غزة و المحاولات لاعادة استعمارها و تهجير أهلها ولهذا اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي أنه اذا ما انهزمت إسرائيل في هذه الحرب فلن يكون لهم وجود في الشرق الأوسط.