تفاصيل الخلاف الغربي الروسي داخل مجلس الأمن حول ليبيا.. - صوت الضفتين

تفاصيل الخلاف الغربي الروسي داخل مجلس الأمن حول ليبيا..

 

متابعة بقلم : د. حسنة علي محمد حسين & سمير باشا   …

بعد جلسة طويلة عن الوضع في ليبيا، مدد مجلس الأمن، الخميس الماضي، مهمة بعثة الأمم المتحدة لمدة ثلاثة أشهر فقط، تنتهي في 31 يوليو المقبل، برغم سعي أغلب الأعضاء لتمديد مهمة البعثة لمدة سنة كاملة، وهو ما اعترضت عليه روسيا.

وقالت مندوبة بريطانيا لدى مجلس الأمن: «بذلنا جهودًا جبارة للتوصل إلى اتفاق في الآراء حول قرار كان سيوفر للبعثة استقرارًا أعمق لتكون أكثر قدرة على تنفيذ ولايتها على مدى أطول فترة من الزمن؛ ولكن لسوء الحظ لم يكن ذلك مستطاعًا».

وانتقدت المندوبة البريطانية الموقف الروسي، وقالت إن موسكو «عزلت نفسها عن البقية ورفضت الانضمام لتوافق الآراء الذي ظهر بين أعضاء المجلس؛ إذ وقفت وتصدت لاعتماد ولاية أطول للبعثة في ليبيا كما طلبت الوفود والبعثة والليبيون أنفسهم». كما دعت روسيا إلى «تحمل مسؤوليتها كعضو في هذا المجلس الانضمام لتوافق الآراء حول ولاية موضوعية للبعثة».

ضرورة تعيين مبعوث أممي
مندوب الاتحاد الروسي لدى مجلس الأمن شدد بدوره على ضرورة البت في اختيار قائد جديد للفريق الأممي في ليبيا، مضيفًا: «نتوقع من الأمين العام أن يضطلع بمهمته وأن يعيِّن ممثلًا خاصًا».

وتابع «وافقنا على التمديد لمدة ثلاثة أشهر فقط، لأنه ولمدة ستة أشهر الآن، لأنه نظرًا لغياب ممثل خاص، لم تتكمن البعثة من المشاركة الكاملة في العملية السياسية في ليبيا»، مشيرًا إلى أهمية المحافظة «على أرفع مستويات الحياد في الأمم المتحدة، لأنه وللأسف الشديد هي مسألة لم يأبه بها الكثير من زملائنا».

وتحدث المندوب الروسي عن الانحياز ضد أفريقيا في مجلس الأمن، وقال: «بعض أعضاء المجلس ليسوا مستعدين لقبول تصور وسيناريو يترأس فيه البعثة شخص من أفريقيا… هذا نراه أمرًا غير بناء بالمرة لأن تولي شخص خارج القارة الأفريقية يعد شكلًا من أشكال الاستعمار» .

و واصل: «علينا أن نتذكر أنه في 2011 كان الاتحاد الأفريقي هو الكيان الذي يسعى إلى إيجاد حل للأزمة الليبية، ولكن جنبت أفريقيا وبدأ المجتمع الدولي ينظر بطريقة مختلفة لليبيا وأظن أن هذا هو سبب ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم».

توافق صيني مع الروس
من جهته، قال مندوب الصين تشانج جون: «من المهم للأطراف في ليبيا تعزيز المشاورات للتوصل إلى اتفاق بقيادة ليبية»، داعيًا الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن «يُعيِّن ويرشح رئيسًا للبعثة في ليبيا في أسرع الآجال على أن يكون من قارة أفريقيا مما يمكن البعثة للاضطلاع بمهمتها بالكامل».

أما مندوبة الولايات المتحدة الأميركية ليندا توماس-جرينفيلد فقد أعربت عن «خيية أملها لفشل المفاوضات مرة أخرى لتجديد ولاية البعثة الأممية سنة كاملة»، معتبرة أن التمديد لسنة كاد يمكن البعثة من تنفيذ قضايا مهمة كالمصالحة وإصلاح القطاع الأمني.

وقالت إن «إصرار روسيا على ولاية بثلاثة أشهر فقط ستعود بأثر عكسي، لأن تعيين فترة قصيرة تعقد كثيرًا قدرة الأمم المتحدة على تعيين رئيس لبعثتها كما يخلق حالة انعدام يقين لشعب وقادة ليبيا بشأن التزام مجلس الأمن بقضيتهم».

ودعا مندوب فرنسا إلى استعادة مسار الانتخابات بما يفضي للسلام والمصالحة، مطالبًا من مجلس الأمن بأن يجدد الولاية لسنة كاملة للبعثة في المستقبل، مضيفًا: «كما من مسؤولية المجلس تشجيع الليبيين لحل كل أوجه الخلاف لإجراء الانتخابات في أقرب الآجال».

تقرير الجانية الدولية
من جانبه، قدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، تقريره الـ23 حول الوضع في ليبيا إلى مجلس الأمن. وأشار التقرير إلى «أدلة موثوقة» على «ارتكاب جرائم خطيرة على نطاق واسع في ليبيا، بما في ذلك جرائم عنف جنسي متصل بالنزاع».

وشدد على ضرورة التركيز على الجانب المادي للتحقيق والتعقب في حالة ليبيا، والتركيز على الجرائم الجنسية والقائمة على النوع الاجتماعي والجرائم ضد الأطفال والتي تؤثر عليهم.

وأضاف: «دون شك يتمتع الضحايا والناجون بكل حق في أن يُنظر إلى حياتهم وآمالهم ومعاناتهم بعناية وما إذا كانت هناك مسؤولية جنائية يجب تقديمها أمام محكمة مستقلة».

السني: نريد الحساب وفق القانون الليبي
وفيما قال المدعي العام إن «تحقيق العدالة يكون أفضل داخل الدولة نفسها، لكن فقط عندما لا تكون الدولة راغبة في ذلك أو غير قادرة على القيام بذلك، يأتي دور المحكمة»، رد مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، الطاهر السني خلال الجلسة ذاتها بالقول إن تحقيق العدالة على الأراضي الليبية «هو اختصاص سيادي، وولاية قضائية وطنية من أجل مقاضاة أي متهم وفق قانون العقوبات الليبي»، مشددًا على أن القضاء المحلي ملتزم بضمان محاكمة عادلة ونزيهة لكل المطلوبين.

وأضاف السني: «نعيد التأكيد على أن تعاوننا مع المحكمة الجنائية الدولية حسب الولاية الممنوحة لها تأتي في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين مكتب النائب العام الليبي ومكتب المدعي العام بالمحكمة كدور مساعد للقضاء الليبي، ولكنه ليس بأي شكل من الأشكال بديلًا عنه». واعتبر أن ليبيا «حريصة على بناء الدولة المدنية الحديثة وإرساء مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب».

وطالب السني المحكمة «بالإفصاح سريعًا عن نتائج تحقيقاتها بعد زيارة فريقها لليبيا ثلاث مرات خلال عام، خاصة فيما يتعلق بالمقابر الجماعية بترهونة وجرائم الحرب التي اقتُرفت منذ 2011 ضد المدنيين الأبرياء دون تسييس للكشف عن متورطين محليا ودوليا».

هل فشلت الجنائية الدولية في فرض السلام في ليبيا؟
وعاد كريم خان ليقول إن المحكمة الجنائية الدولية لم تنجح في ضمان السلام في ليبيا، مضيفًا: «نشعر بخيبة الأمل والإحباط أنه في جميع الأنحاء بعيدًا عن المدن الحديثة مثل نيويورك لا نزال نقبل بعالم نغض فيه الطرف عن معاناة كثيرين».

بدورها، تحدثت ممثلة المملكة المتحدة عن توافر «أدلة ذات مصداقية تشير إلى استمرار ارتكاب جرائم فظيعة النطاق في ليبيا، بما في ذلك جرائم عنف جنسي»، مطالبة بالمساعدة في ملاحقة المتورطين على المستوى المحلي والإقليمي في هذه الجرائم، كما طلب من جميع الدول التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لتسليم الأفراد الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف.

أما ممثلت فرنسا فأكدت على ضرورة تسليط الضوء على «الفظائع المرتكبة في ترهونة وفي جنوب طرابلس»، معتبرة أن البعثة الأممية «مهمة» لأنها توثق انتهاكات حقوق الإنسان.

ودانت الدبلوماسية الفرنسية في كلمتها «التهديد والعنف ضد القضاء والمحامين»، مضيفة أن بلادها ستواصل الالتزام بالعملية السياسية الانتقالية.

ضرورة محاسبة حلف الناتو
من جانبه، طالب ممثل روسيا المحكمة الجنائية الدولية، بأن تتعامل مع جرائم الحرب التي ارتكبها حلف شمال الأطلسي «ناتو» في ليبيا، معتبرًا أن ما حدث للعقيد الراحل معمر القذافي «كان من تدبير الولايات المتحدة».

وقال ممثل روسيا: «نما إلى علمنا أن مكتب المحكمة الدولية سيغلق ملف الجرائم التي حدثت في العام 2011 بما فيها مقتل القذافي»، معتبرًا قضية سيف الإسلام القذافي المنظورة أمام المحكمة «استخدمت لتبرير عدوان الناتو العسكري دون أي مبرر ضد الدولة الليبية».

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *