ميزانية2022: من الغرف المظلمة الى المرور بالقوة..
لأول مرة في تاريخ تونس نصل نهاية شهر ديسمبر دون قانون ميزانية منشور و متحدّد المعالم .كما أنه لأول مرة أيضا يتم اعداد قانون المالية في غرف مظلمة بين قصر قرطاج ورئاسة الحكومة دون نقاش مع الاطراف الأطراف الاجتماعية أو قوى الانتاج أو حتى المستثمرين في الداخل و الخارج .
لتتم المصادقة على هذا القانون في مجلس وزاري دون تشريك أحد وبذلك يولد هذا القانون ميتا دون توافق داخلي وبالتالي فهو قد فقد قيمته على الاقل داخليا ليكون أمرا بالصرف أقرب اليه من قانون ميزانية .
هذا في الشكل أما في المضمون فقانون المالية هذا سيكون الاسوء على الاطلاق وهو مليء بالإكراهات وفق ما صرّح به مهندسه الاول رئيس الجمهورية الذي خلق لنا فيه مفهوما اقتصاديا جديدا عنا وهو السعادة الخام بدل الناتج القومي الخام ما يوحي بأن اغلب بنود هذه الميزانية هي شعبوية وستزيد من العجز الاقتصادي الذي سيصل ارقاما قياسية في العام الجديد مع ما يتبع ذلك من تضخم لن نقدر على مجابهته خاصة مع تواتر الانباء على قيام البنك المركزي بطباعة الاوراق المالية ذاتيا دون مقابل مادي لها .
قانون المالية لسنة 2022 وفقا بعض التسريبات هو قانون البنك الدولي بامتياز الذي تعوّل عليه الحكومة بتمويل ما أمكن من 23مليار دينار التي نحتاجها .ومن ملامحه تجميد الزيادة في الاجور و التخفيض من كتلة الاجور اضافة الى تجميد الانتداب في الوظيفة العمومية .هذا علاوة على البعد الجبائي القاسي الذي يحمله في طياته و الذي سن حتى ضريبة على الشراءات من الفضاءات التجارية الكبرى بالتوازي مع ترفيع منتظر في المحروقات وفي بعض المواد الاساسية و الخدمات.
لكن البنك الدولي في المقابل يشترط موافقة الاطراف الاجتماعية و أولها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي اعلن صراحة أنه لن يخون منخرطيه و لن ينخرط في هذه الميزانية.
وهنا تجد الحكومة نفسها –بل انها حسمت أمرها- في قرارها بالمرور بالقوة لهذه الميزانية ما ينبأ بانفجار اجتماعي كبير قد يكون الاعنف خاصة اذا ما سانده الاتحاد التونسي للشغل عبر الاضرابات المتتالية أو عبر التظاهر المباشر لمنخرطيه.كما أن الاتحاد التونسي للفلاحة و الصيد البحري و الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة سيكونان أكبر المتضررين من هذا القانون و لا نعتقد أنهما سيتجاوبان معه ايجابيا .
ان قانونا صيغ في الغرف المظلمة و مبرمج تنفيذه عبر المرور بالقوة و سياسة الامر الواقع لن يكون في مصلحة أحد لذا لابد من تلافي الخطأ قبل أن تقع الفأس في الرأس.
قيس مقني.خبير اقتصادي