الفخفاخ واستمرار مسلسل الفشل الحكومي
صةت الضفتين-مقال رأي بقلم الناشطة السياسية ريم بالخذيري
استغرب عديد المشاهدين البارحة إعادة لقاء يعود الى ثلاثة او أربع سنوات من قبل قناة التاسعة جمع يوسف الشاهد والإعلامي المقرب منه بوبكر بن عكاشة عبر ذراعه الإعلامية قناة التاسعة.. الشارع التونسي انتبه فيما بعد انه ليس خطأ تقنيا من قبل القناة فرؤساء الحكومة قد تشابه عليهم كما تشابه البقر على قوم موسى.. والحقيقة ان التونسيين كانوا مصيبين في كل ما ذهبوا إليه، فالفخفاخ الذي نصّبه الشاهد مكانه في القصبة بتزكية من رئيس الجمهورية كان نسخة مطابقة ورديئة منه: نفس الجلسة نفس الخطاب المتعالي نفس الكذب و نفس التحالفات و نفس اللوبيات التي تم وضع النفس والدولة على ذمتها.
هذا اللقاء الإعلامي فشل فشلا ذريعا في ما خطط له وتم التسويق له لأيام على أنه سيحمل المخرج من الأزمة التي يتخبط فيها التونسيون، المخرج الذي لطالما انتظروه منذ سنوات والذي زادتها أزمة كورونا -أو الجائحة كما يقول الرئيس سعيد- حدّة وشراسة وتطال كل الجوانب السياسية و الاقتصادية و الصحية أوصلت الشعب التونسي لحافة الإنهيار.
خطاب الفخفاخ الذي بشّر فيه التونسيين أنهم تحت الرقابة أينما تنقلوا في عملية ترهيب وتخويف كان من الأجدى أن تتم محاسبته عليها خاصة وأن رئيس هيئة المعطيات الشخصية نفى بداية علمه بعملية الرقابة والتجسس التي قامت بها الدولة على المواطنين بتعلة حمايتهم من كورونا والحال أنها اختراق خطير للحريات الشخصية وهدم لمبادئ الدستور الحديث.
لكن هيئة المعلومات الشخصية تراجعت بعد ذلك وأقرت بصيغة مثيرة للريبة والغموض اطلاعها على مسألة الرقابة لتجسّد مثلا تونسيا يقول “جا يطب فيها عماها”، و تؤكد للتونسيين أن ديكتاتورية الدولة عائدة لا محالة إن لم تكن عادت بالفعل ووداعا لكل التشريعات والدساتير طالما لم تحترم السلطة التنفيذية علوية القانون وتطلق يدها للعبث بكل المفاتيح دون رادع.
في حديثه عن الأزمة الاقتصادية أعاد الفخفاخ استنساخ خطاب الشاهد الأجوف حول الأزمة الاقتصادية والتداين الخارجي ومقولات شد الأحزمة على البطون واجب التضحية من اجل البلاد.. تضحية يبدوا أنها لا تشمل المستثمرين ورجال الأعمال الذين مروا على تونس منذ عهود طويلة وكانوا دائما محل تدليل وتبجيل من السلطة.. يعود الفخفاخ اليوم بنفس العجز والفشل ويطلب من التونسيين أصحاب الدخل المتوسط أن يضحوا مجددا.. هذه المرة بإجراء سابقة وهو التقليص في الأجور المباشرة للموظفين والمتقاعدين ..وصل العبث والاستهتار بقوت التونسيين إلى تهديدهم “بخبزهم اليومي” في المقابل ينعم المهربون والمستثرون الجدد والمحتكرون ومن خلفهم السياسيون الفاسدون بخيرات البلاد وشعبها دون رادع.
الفخفاخ لم يكلف نفسه عناء النظر للأرقام المفزعة حول انهيار المقدرة الشرائية للمواطن واتساع الهوة الاجتماعية الطبقات الفقيرة والغنية والارتفاع الجنوني للبطالة مقابل الانخفاض المدوي لنسب النمو، لا عن جهل أو إهمال فهو أدرى الناس بالسياسة الاقتصادية المتوحشة التي تسومها الحكومة للشعب، بل لأنه اختار مجددا- كسابقيه- أن يكون كبش الفداء لترقيع الميزانية مقتطعا من جيوب المواطنين، لمّح الفخفاخ ولم يصرّح بإمكانية تعويم الدينار- كإجراء للحد من التداين الخارجي وتوفير رافد مالي للميزانية، تلميح ألقي كحجر في مياه راكدة السطح عميقة الغور سوداء اللون بدأت تفور وتغلي لأن تعويم الدينار يعني ببساطة ضربة في مقتل لمعظم الشعب التونسي الذي يعاني أصلا من غلاء الأسعار فما بالك إذا ما اشتعلت فيها النيران في جميع القطاعات عندما ينهار الدينار التونسي.
يبدو أن الفخفاخ يعتمد اعتمادا كليا على وجود حكومته وهي “حكومة الضرورة” التي فرضتها الظرفية الصحية أساسا والتقاتل الشرس الشبيه بصراع الديوك على النفوذ والسلطة في البرلمان- يقين خادع يعيشه رئيس الحكومة الذي أعماه غروره بنجاح مزيف خلال الأشهر القليلة في زمن الكورونا وهو نجاح مرده الأساسي لتضحيات المواطنين ووعيهم لا لسياسة ترى في مواطنيها خزانا احتياطيا للأموال، يبدو أنه ادخله لطريق لا عودة منه بعد أن اختار أن يزيد الطين بلّة ويصطدم مباشرة مع الاتحاد بإعلان إمكانية الاقتطاع من الأجور وهو إجراء إن تم تنفيذه فسيكون آخر مسمار يدق في نعش حكومة الفخفاخ واللوبيات الفاسدة التي تحركه فمل يعد في جعبة التونسيين من قدرة على البر والتحمل على حكومات خيارها الوحيد هو انتزاع اللقمة من حلق المواطن وساعتها لن تجدي نفعا كل محاولات القمع والتركيع التي تجندت لها الحكومة لتكميم أفواه الشعب. .