صوت الضفتين “يستضيف” صلاح ستيتية: شاعر الضفتين
صةت الضفتين-بورتريه
نخصص اليوم فقرة بورتريه للشاعر اللبناني الفرنسي صلاح ستيتية الذي رحل عن عالمنا مؤخر مخلفا وراءه منجزا شعريا مهما جعله واحدا من أكبر الشعراء والكُتاب العرب بلغة موليير الفرنسية.
صادق ستيتية وخالط منذ الخمسينات من القرن الماضي شعراء عالميين كبار من أمثال: اندريه بروتون وروني شار وايف بونفوا وإميل سيوران وآخرين . أصدر في بيروت أسبوعية: الشرق الأدبي بالفرنسية التي لعبت دوراً مهماً في التقريب، والربط بين مختلف التيارات الإبداعية الغربية الحديثة، في فرنسا وارهاصات الكتابة الحديثة في الشرق، والوطن العربي.
تأخر ستيتية في الإعلان عن نفسه كشاعر، فصدرت مجموعته الأولى «الماء البارد المحفوظ» عام 1972 عن «دار غاليمار» العريقة، وكان وقتها في الثالثة والأربعين من عمره. وهي المجموعة الشعرية التي رسخت اسمه بقوة في المشهد الشعري الفرنسي.
ساهم في الكتابة بمجلات أدبية عدة منها: الآداب الحديثة، ميركور دو فرانس، المجلة الفرنسية الحديثة، ديوجين وغيرها. وكدبلوماسي، عمل في اليونسكو في باريس، وسفيراً في المغرب، وسكرتيراً عاماً لوزارة الشؤون الخارجية في بيروت، وسفيراً في لاهاي. كما حاز على عدة جوائز منها الجائزة الفرنكفونية الكبرى عن مجمل أعماله عام 1995. وتُرجمت أعماله الشعرية والنثرية الى عدة لغات عالمية.
في احدى الحوارات تحدث بأسى عن حالة المثقف العربي وقال: ” المثقفون العرب، لا يستطيعون أن يتفقوا مع أنفسهم . من ناحية، يمثلون الثقافة العربية القديمة المنتجة للعجائب على مدار التاريخ: اليوم، أصبحت ثقافة ناقصة القيمة ومصادرة من قبل الايديولوجيات . المثقف العربي انسان ممزق والفكر مصادرٌ ومحطم من خلال الأنظمة القائمة . في الوطن العربي، اليوم، لا يمكن أن نتناول الدين على سبيل المثال . هناك حدود وضعتها السلطات المصطنعة والمستهلكة . المثقف العربي مريض . ماذا يفعل؟ يصمت أو يشوّه أفكاره، أو يتكلم بالألغاز أو ينفي نفسه . يأتي الى الغرب غير أنه ليس أوروبيا، قيم الغرب ليست قيمه . لدي شيء من الحظ، مثل ما يقول صديقي سيوران، في أن أفكر: لا نسكن بلدا وانما نسكن لغة . أنا في بلدي في فرنسا، في اللغة الفرنسية . عرفت ناظم حكمت، كان مشهورا ويعيش في موسكو . وكان ممنوعا في تركيا . في يوم من الأيام، قال لي أنا تعس للغاية، لم أر ولم أمسك بين يدي كتابا من كتبي مطبوعا بالتركية “.
دأب ستيتية على التعريف بالثقافة العربية كجزء من الثقافة الإنسانيّة وأفرد لها عدة كتب مثل: “نور على نور أو الإسلام الخلاّق”، “انكسار الصحراء والرغبة”، “القلم”، “الخمر الصوفي”، “رابعة النار والدمع” كما ترجم قصائد بعض الشعراء العرب الى الفرنسية ومنهم بدر شاكر السياب في كتاب “قصائد جيكور” بالتعاون مع الشاعر والباحث العراقي كاظم جهاد.
من بين دواوينه : “حملة النار” و”شذرات” و “انعكاس الشجرة والصمت” و”الكائن الدمية” و”ليل المعاني”.
هنا قليل من شعر ستيتية بترجمة صديقه الشاعر اللبناني عيسى مخلوف
“ما نحفظه من الحياة يمكن اختصاره بعبارات قليلة. البعض منّا يمضي الوقت في البحث عنها. الآخرون، من وراء أكتاف الأوائل، ينقلونها ويعاودون نقلها.
*ألمٌ هو اسمُ الوردة.
*نسكن طيفنا حتّى لا يسكننا.
*هذا الشيء المرتبِك في القلب هو الوردة. هذا الشيء البسيط في النفس هو عطر الوردة.
*الأمل واليأس هما من بحر وزبد.
*حبّ البعض يحرمنا من حبّ البعض الآخر. حقدُ البعض يقوّي ضدّنا حقدَ البعض الآخر.
*الهيكل العظمي هو العبارة الوحيدة المنظّمة.
*أمام هذه العبارة الصافية تتلعثم الحياة.
*المنزل الأجمل هو المسكون أيضاً من الخارج.
*القلب في الصدر : نمرٌ في قفص.
*ثمّة حاجة إلى الهواء لإضاءة الغرفة.
*ضع قناعك ثانيةً لأتعرّف إليك.
*من نافذة الغرفة الكونيّة نراقبُ الوردة التي تراقبنا.
*نفاجئ الحياة. الموت يفاجئنا ونحن في أقصى الدهشة.
*عنّا تبكي الدموع. “
إعداد :عبد الإله الصالحي