أردوغان لتصدير الإرهاب
صوت الضفتين- مقال رأي بقلم سمير باشا
استطاع الرئيس التركى رجب طيب اردوغان أن يحقق ما لم يحققه غيره حول العالم ، وهو رجل الاستعراض الفارغ المتباهى بالانجازات الوهمية ، لكن هذه المرة انجازه كان حقيقيا و واقعيا، فقد استطاع انشاء اكبر شركة مرتزقة حول العالم يحرك عناصرها للشرق والغرب ، فى وقت ينكفئ كثيرون عن الاعمال العسكرية والتوترات الامنية للتفرغ لمواجهة المصيبة التى ضربت العالم وهى جائحة كورونا.
أردوغان استطاع خلال السنوات الماضية رعاية الارهاب بكل ما فى الكلمة من معنى ، بدءا بالمجموعات الاخوانية ومرورا بتنظيم القاعدة ووصولا إلى تنظيمى جبهة النصرة وداعش وحراس الدين والشيشان والايغور وغيرهم ، ولم يكتف بتقديم الاموال والدعم اللوجستى ، بل أمن لهم الارضية للبقاء فى سوريا ومخيمات تركيا، وكانت مطارات تركيا بوابات مفتوحة لهم بأى وقت وبأى زمان.
التنظيمات الارهابية فى سوريا ورغم الستارة الدينية والثورية التى تتستر بها ، إلا انها فى الحقيقة تابعة تماما للرئاسة والمخابرات التركية تتحرك وفق أوامرها ، والمحرك الأساسى وربما الوحيد هو المال ، مما حول هؤلاء العناصر إلى مرتزقة فعليين ، وتم نقلهم مرارا وتكرارا إلى اكثر من منطقة فى الداخل السورى لتنفيذ المخطط التركى ، وكانت حجتهم دائما انه لا عيب فى تلقى الدعم لانجاح الأهداف الثورية ، الا أن ورقة التوت سقطت عن عوراتهم عندما بدأ اردوغان ينقلهم إلى ليبيا واليمن ، وبشكل علنى وبأعداد كبيرة جدا حيث وصل عددهم فى ليبيا إلى اكثر من 15 ألف مقاتل على أقل تقدير . فى ليبيا حيث كان المال هو الدافع لذهابهم تلقوا ضربة من مشغلهم حيث لم يقبضوا الرواتب التى وعدوا بها ، بل بالكاد حصلوا على نصفها ولم يروها إلا كل شهرين ، والأمر موثق بتقارير صحفية ومقابلات اجريت مع بعضهم مؤخرا.
علما بأن ليبيا لم تكن المحطة الاولى لمرتزقة اردوغان ، بل سبق ودعم اردوغان الارهابيين وسهل تنقلاتهم فى مصر واليها ، ونفس الامر بالنسبة للسودان وبعض الدول الأوروبية ، الا أن الامر هذه المرة مختلف كونه يتعلق بنقل آلاف العناصر إلى بلدان أخرى وبطائرات مدنية بمخالفة واضحة وصريحة للقوانين الدولية التى تحرم ذلك.
وبالتالى فإن أردوغان اصبح مجرم حرب وجب ملاحقته امام المحافل الدولية ، فحسب المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم ، كل شخص يقوم بتجنيد أو استخدام أو تمويل أو تدريب المرتزقة ، وفقاً لتعريفهم الوارد فى :
- المادة (1) من هذه الاتفاقية ، يرتكب جريمة فى حكم هذه الاتفاقية ،
- ونصت الفقرة ب من المادة الرابعة من نفس الاتفاقية انه يكون شريكاً لشخص يرتكب أو يشرع فى ارتكاب أى من الجرائم المنصوص عليها فى هذه الاتفاقية ،
- اما المادة الخامسة فقد اكدت انه لا يجوز للدول الأطراف تجنيد المرتزقة أو استخدامهم أو تمويلهم أو تدريبهم ، وعليها أن تقوم وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية ، بحظر هذه الأنشطة ، وتعاقب الدول الأطراف على الجرائم المنصوص عليها فى هذه الاتفاقية بعقوبات مناسبة تأخذ فى الاعتبار الطابع الخطير لهذه الجرائم.
وفى ضوء المعطيات وعشرات مقاطع الفيديو والتحقيقات الصحفية وشهود العيان من ليبيين وسوريين ، فإن مرتزقة اردوغان فى ليبيا امر مثبت ، ويجب التحرك قانونيا نحو الامم المتحدة من خلال القنوات المتبعة قانونيا لتقديم هذه الوثائق من خلال خبراء قانونيين للبدء فى ملاحقة اردوغان على جرائمه المستمرة بحق الشعوب العربية دون اى استثناء ، كما ستثبت التحقيقات دون ادنى شك تورطه بدعم آلاف المرتزقة الارهابيين من جنسيات مختلفة وخصوصا الاوروبية ، مما يجعل تورطه اوسع وقابلا للملاحقة من قبل دول عديدة.
البعض سيرد ويقول : إن العديد من الدول انشأت شركات امنية واشتركت بحروب وعمليات امنية حول العالم .
والرد بأن هذه الشركات ولو كانت تعمل على اساس تقديم المال مقابل الخدمات الامنية من اشخاص أو شركات خاصة أو حتى دول ، لكنها شركات معروفة وتعمل علنية ، ولم يسبق لها أن تعاملت مع ارهابيين ، بل معظمها قاتل الإرهاب بأكثر من بلد فالأمر لا يتعلق فقد بمسألة الارتزاق القذر بل يتعلق بتكوين منظومة عالمية للإرهاب ، حيث يتم استقطاب المقاتلين لإعادة نشرهم فى المناطق الساخنة خدمة للمخططات الأردوغانية .
وبالطبع فإن أردوغان لا يستطيع تحمل فاتورة هذه الشركة وحده ، ولولا الأموال التى تدفعها المخابرات القطرية ربما لم يكتب لشركة « اردوغان لتصدير الإرهاب » النجاح بهذا الشكل ، وإن وصل الملف إلى المحافل القانونية الدولية ستكون قطر فى دائرة الاتهام دون ادنى شك ، ومعها مئات المحرضين الممولين منها والمنتمين لجنسيات مختلفة ويمارسون وظائف تمكنهم من الترويج وتقديم الدعم ، خصوصا الإعلاميين الذين يحرضون الشباب للانضمام إلى هذه الشركة تحت راية الجهاد تارة ، وتارة أخرى تحت حجة نصرة الشعب السورى وبعده السودانى والليبى والمصرى وهكذا دواليك.
ملف المرتزقة يحتوى على العديد من الجرائم ، من نقل المرتزقة والأسلحة بطائرات مدنية ، والتعدى على سيادة الدول ، وتعريض حياة المدنيين للخطر ، وارتكاب الفظائع بحق المدنيين والممتلكات العامة والخاصة والسرقات وغيرها العشرات من الجرائم التى ستطيح برؤوس كثيرة.
المستفز فى هذه القضية أنه لا تزال توجد الكثير من الأبواق التى تهلل لأردوغان ومشاريعه وجرائمه ، وتعتبر بأن الأمر حق له دون غيره ، لكنهم فى النهاية سيدفعون الثمن عندما ينتهى وقتهم وينقلب أردوغان عليهم بعد احتراق ورقتهم ، بالنهاية هم ليسوا إلا مرتزقة تم شراؤهم بالمال القذر ولا قيمة لهم حتى عند أسيادهم..